استراتيجية الشيوع في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها

ديسمبر 3, 2018   | by Arabic Institute


د. رائد عبد الرحيم - مدير معهد تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها- جامعة النجاح الوطنية

 

   تهتم استراتيجيات التدريس والتأليف، واختيار المقررات التعليمية بمبدأ الشيوع، وهو أحد إفرازات طرق تعليم اللغة الثانية ونظرياتها كالنظرية السلوكية على سبيل المثال، التي تهتم بالظاهر من اللغة، وتحثّ عليه، ليكوّن عادة سلوكية عند متعلّم اللغة شأنه شأن اكتساب لغته الأم، ومن هنا فإن هذه الاستراتيجية يمكن تنفيذها بوساطة:

1- الحاسوب الذي يمكن إدخال نصوص كثيرة عليه تتعلق بموضوع معيّن أو جزء من موضوع،  ليصنّف هذه المفردات حسب ورودها في هذه النصوص، وهذا يتطلّب الأمر شراكة مع مؤسسات خاصة بمجال الحاسوب، وتصميم برامج خاصة فيه.

2- يستطيع ابن اللغة الأم، وبخاصة في المواقف الحياتية والثقافية اليومية أن يحصي المفردات الشائعة، وما عليه إلا أن يتخيّل الموقف أو الموضوع الذي يريد تدريسه، ثم يحصر اللغة الخاصة به عبر المواقف المختلفة، كأن يتخيل موقفاً أو مواقف العلاقة بالطبيب والمستشفى، واللغة المستخدمة في هذا الموضوع، ثم يبدأ بتنظيمها، وتقديمها للطالب. ومن الأفضل أن يكون هذا الموقف كليّاً، أي يحيط المصمّم أو المدرس بما يتعلق فيه، ليقدّمها للطالب، ليحوز كفايات، يستطيع أداءها في المواقف الشبيهة، أو يعيد من خلالها إنتاج مواقف جديدة.

3- إن حصر اللغة الشائعة يقتضي تصنيفها حسب أهميتها في هدف الدراسة، فإذا كان هدف المتعلّم الكتابة، فإنه ينبغي التركيز على الشائع في الحديث، والشائع في الكتابة، ليعين المتعلّم على أداء كتابي متطوّر. فعلى سبيل المثال يشيع في الاستخدام الشفهي لفظة ساعد، فبعد عرضها للطالب ينبغي أن ندرّسه الكلمات الأخرى التي تشيع في النصوص المقروءة المكتوبة، مثل ساند وآزر ودعم..وهنا تكمن مشكلة في الشيوع ينبغي التنويه لها، وهي هل التركيز على الشيوع يكون على المستوى الشفهي أم القرائي أم الكتابي؟ وهل يكون في لغة الصحافة؟ أم في لغة الكتب؟ أم في لغة البحوث والتقارير الصحفية؟..

4- لا ينبغي إغفال الهدف في تحقيق مبدأ الشيوع ولا البيئة ولا طبيعة العمل،  فما يشيع في فلسطين من لغة خاصة بموضوع معيّن ربما يختلف عن مصر والعراق والأردن، ولهذا تحقيق استراتيجية واحدة موحدة للشيوع أمر في غاية الصعوبة.

5- يتحقق مبدأ الشيوع حين نهتم بتحليل الحاجات، فعلى سبيل المثال: إذا طلب إلينا تدريس لغة الاقتصاد، وهو غرض خاص، وهذا موضوع واسع ومتشعب،  فما الخطوة الأولى التي ينبغي فعلها؟ إن الخطوة الولى تكون بسؤال الطالب أو مؤسسته عن غايته المحددة في الاقتصاد، فإذا أجاب أنه يريد العمل في المجال السياحي مثلاً، سألنا مرة أخرى: ماذا يهمّك في المجال السياحي؟ فإذا أجاب يهمّني قطاع الفنادق، هنا يصبح بالإمكان حصر اللغة في هذا الميدان، وبناء استراتيجية للشيوع، أو على الأقل يصبح الأمر أكثر سهولة يمكن السيطرة عليه.

  ومن هنا نرى أن مبدأ الشيوع في باب التنظير سهل، ولكنّه في التطبيق شاق ومتعب، ويحتاج إلى جهود فردية وجماعية ومؤسسية وتخصصية، ويحتاج إلى غربلة وتدرّج، وتحليل حاجات، ومراعاة للبيئة، والهدف،  وحاجات المتعلمين.