تأليف مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها

يوليو 24, 2018   | by Arabic Institute


د.رائد عبد الرحيم - مدير معهد تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها

إن الحديث عن تأليف مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها يعني الحديث عن هذا ‏المجال برمّته، فليس الأمر بهذه السهولة واليسر، فالمناهج الموجودة في الأسواق ومعاهد ‏التعليم ومؤسساته الأخرى كثيرة، تتفق فيما بينها في جزئيات قليلة، وتختلف في جوانب ‏كثيرة، فيتضح منها أن الأمر كان حسب رؤية كل فريق وخبراته، وربما حاجاته في ‏برامجه وبيئته التي يعلّم فيها العربية للناطقين بغيرها، وبعض هذه المناهج لم يؤلّف مواكباً ‏ما توصل إليه مجال تعليم اللغات، ولذا جاءت تفصيلاته الداخلية تنبئ عن ذلك . سأحاول ‏في هذا المقال تسليط الضوء على النقاط الأساسية التي يحتاجها تأليف منهاج تعليم اللغة ‏العربية للناطقين بغيرها، اجملها في الآتي:

1- يحتاج تأليف المناهج ابتداء إلى مختص أو خبير في المجال، يكون واعياً بتفاصيل تعليم اللغات للناطقين بغيرها: التربوية واللغوية والتقابلية والاجتماعية والتواصلية والنفسية والعلمية وغيرها، وأن يكون واعياً بما أنتج غيره من مناهج عامة وخاصة، والطرق التي اتبعت فيها حتى يستطيع الإتيان بجديد، فلا يكون عمله مسخاً لسابقيه أو نسخة مكرورة لها .

2- هؤلاء المختصون أو الخبراء  يحتاجون إلى تحديد الهدف من المنهاج : أهو غرض عام أم خاص؟ فطريقة تأليف هذا تختلف عن ذاك، وكل غرض يحتاج إلى تخطيط لغوي وتربوي ونفسي وثقافي وتواصلي...

3- تحديد المستوى المنوي التأليف فيه، فلكل مستوى له محددات خاصة به، يعرفها المختصون والخبراء، وحدّدتها الأطر المرجعية للغات، ويفيد فيها العاملون في الميدان، لذا ينبغي الاطلاع على هذه الأطر: المحاولات العربية، وACTFL، والإطار المرجعي الأوروبي للغاتCEFR.

4- ينبغي الاطلاع على طرق تعليم اللغات الثانية، طريقة النحو والترجمة، والطبيعية ، والمباشرة، والسمعية والشفوية، والتواصلية، والصامتة، والاجتماعية، والثقافية وغيرها. إن معرفة هذه الطرق مفيد في التأليف في المناهج العامة والخاصة، ففي المناهج العامة، يأخذ منها المؤلفون ما يلزم في كل مستوى، فيستعين بها في عرض ما يكتبون، وفي طريقة هذا العرض، أو على مستوى المهارات كلها . وقد يفيد المنهج من بعضها، فعلى سبيل المثال الكتاب المختص بمهارة القراءة وفهم الآخر، ولا يلقي بالاً للمحادثة، ربما استعان أكثر بالطريقة التقليدية أو طريقة القواعد والترجمة .

5- الاطلاع على نظريات تعليم اللغة الثانية وتعلّمها، وهذه الطرق تسهم في أن يكون التأليف على هدى، وفي التنويع في الأساليب المقدّمة للطالب، ومنها البنيوية والسلوكية والتوليدية التحويلية والمعرفية والثقافية والاجتماعية وغيرها. فعلى سبيل المثال يلاحظ على كثير من المناهج أنّها ما زالت تقدّم النحو بطريقة تقليدية، لا تفرق كثيراً عن طريقة تقديمه للعرب، فلو وعي المؤلفون النحو التوليدي، وأن القواعد هي مجموعة من القواعد التي ينتج منها ما لا يتناهى من الجمل، وجملاً لم يسبق للمرء أن نطق بها أو سمعها، لاستغلوها في التأليف، فكانت القواعد أكثر يسراً، ولتحولت إلى الوظيفية بدل التركيز على المصطلحات والشواهد.

6- ينبغي للمؤلفين أن يكونوا على وعي بطرق التأليف وتقديم عناصر اللغة العربية : الأصوات والحروف والمفردات والقواعد، فاستيعاب هذه الطرق يعينه على اختيار أيسرها، والمتناسب منها مع المنهج المنوي تأليفه.

7- التدرّج في التأليف، وهذا التدرج ينبغي أن يكون في الآتي :

أ- المستويات : فيبنى اللاحق منها على السابق وفق المعايير التي يجب عليهم معرفتها لكل مستوى.

ب- التسلسل في عرض عناصر اللغة العربية، فالوعي الكلي بأجزاء كل عنصر : سابقه ولاحقه يعين على بناء منهج لولبي متكامل لتعليم العربية للناطقين بغيرها .

8- تكامل المهارات: درجت كثير من المناهج على الاستعانة بالمهارت الأربعة:الاستماع فالكلام فالقراءة فالكتابة، ولكن بعضها لم يعرض بطريقة لولبية أو لم تكن بعناوين بارزة في المنهاج، ولذا نرى أن بناءها لم يكن تسلسلياً فلربما استخدم المؤلفون في نصوص الاستماع أو القراءة مفردات وتعبيرات لم يسبق للطالب أن درسها، ثم إن بعضها قد يركز على مهارة أكثر من تركيزه على الأخرى، والمنهج السليم يقتضي أن تكون جميعها على مستوى واحد من الأهمية، إلاّ إذا كان المنهاج خاصّاً بمهارة واحدة منها، فهنا يختلف الأمر، ويكون التركيز عليها .

9- التنويع في الأساليب وطرق التدريس، وهذه يمكن حصرها في الآتي :

أ-  في استيعاب الطرق التي استخدمها المؤلفون السابقون في مناهجهم أو نصّ عليها التربويون .

ب-  في الاستعانة بالتعبير المصوّر لأهميته في مجال تعليم اللغات.

ت- توظيف الألعاب اللغوية لما لها من دور في تثبيت المعلومة واسترجاعها وتضفي المتعة على العملية التدريسية.

ث- المراوحة بين الجانبين النظري والتطبيقي وتفعيل دور الانغماس اللغوي أو ما يمكن أن يطلق عليه الانغماس المتناغم مع المنهاج .

ج- تفعيل التعليم الإلكتروني، وربط المناهج ببرامج حاسوبية مثل مودل وغيرها .

ح- مراعاة التعلّم الذاتيفتكون هناك تدريبات تركز على دور الطالب في العملية التعليمية، والإكثار من المهام التواصلية، وهذا يساعده كثيراً في فهم ثقافة المجتمع، والتزود باللغة والأساليب التي تطور مهاراته كلها وبخاصة الاستماع والمحادثة.

10- ينبغي على المؤلفين أن يقدّموا المعلومة اللغوية مرتبط بالثقافة، ومفهوم الثقافة يعني ثقافة الأمة الإسلامية والعربية، ومراعاة التعدد الثقافي في المجتمع، بمعنى ينبغي أن يكون المنهاج شاملاً لعناصر الثقافة العربية وتجلياتها المختلفة .

11 - هناك نقطة مهمة ينبغي على المؤلفين معرفتها وهي مشكلات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها على المستويات كلها : اللغوية والثقافية والنفسية، ليجدوا لها علاجاً في منهاجهم، وللأسف كثير من هذه المناهج ظل محفوظاً في الأبحاث، ولم تفد منه كثير من المناهج الموضوعة .

12- خلاصة الأمر أنه ينبغي على المؤلفين التركيز على الآتي في المنهاج المؤلف :

أ- تقديم المعلومة      

ب- تثبيتها في ذهن الطلاب.

ت- استرجاعها .